شكّل لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، خلال أعمال القمة العربية التي استضافتها بغداد السبت الماضي، حدثًا اقتصاديًا بارزًا شغل الباحثين وخبراء الاقتصاد، بعد مطالبة الرئيس الصومالي العراق بصيانة مصفاة نفط عراقية قائمة في الصومال، والتي لم تكن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الغزو الأميركي عام 2003 على علم بوجودها أساسًا.
وتأتي هذه المفاجأة امتدادًا لحادثة سابقة تم خلالها الكشف عن مزارع شاي مملوكة للعراق في فيتنام، كانت الدولة العراقية قد استثمرت فيها ضمن جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الشاي، ولم تكن السلطات في بغداد على علم بهذه المزارع إلى أن كشفت الحكومة الفيتنامية عن تفاصيلها، ما دفع وزارة التجارة العراقية إلى التحرك بالتعاون مع شركات محاماة ومحاسبة بريطانية لاستعادة حقوقها فيها. ومنذ ستينيات القرن الماضي، تمتلك بغداد مجموعة واسعة من الأصول الاستثمارية في دول مختلفة، في مجالات الطاقة والزراعة والصناعات التحويلية. لكن بعد غزو العراق عام 2003، وتفكيك المؤسسات والوزارات، وطرد كوادرها، وما أعقب ذلك من أعمال نهب وسلب، ضاعت تفاصيل كثيرة من تلك الأصول.
وعقب الاجتماع صرّح المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي بأن الرئيس الصومالي كشف خلال اللقاء عن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال، وطالب بصيانتها وإعادة تشغيلها. وأضاف العوادي أن الرئيس الصومالي طرح التعاون في مجال الطاقة، وفوجئ رئيس الوزراء بوجود أكبر مصفاة عراقية في الصومال، تم إنشاؤها في سبعينيات القرن الماضي، وهي حالياً متضررة، وطالب بإعادة تأهيلها لتعود إلى العمل مجددًا.
وفي هذا السياق، قال مسؤول في وزارة النفط العراقية إنه لا يعلم ما إذا كانت الحكومة قد قررت اتخاذ خطوات عملية بشأن هذا الاكتشاف، لكنه أكد أن الوزارة ستتواصل مع الجانب الصومالي للاطلاع على أوضاع المصفاة وتقدير تكاليف صيانتها، إلى جانب دراسة الجوانب القانونية والفنية المتعلقة بالعراق، مرجحًا إرسال وفد من الوزارة إلى الصومال قريبًا.
من جانبه، كشف الخبير الاقتصادي العراقي والأستاذ بجامعة البصرة نبيل المرسومي عما وصفه بـ”المفاجأة”، بشأن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال. وقال المرسومي في تصريح مكتوب نقلته وسائل الإعلام العراقية، إن المصفاة تأسست عام 1974 من قبل الشركة العامة للمشاريع النفطية العراقية، بطاقة إنتاجية تبلغ نصف مليون طن سنويًا، وذلك على أساس الشراكة بين العراق والصومال بنسبة 50% لكل طرف. وأوضح أن العراق تكفّل بتكاليف تأسيس المشروع بالعملات الأجنبية، فيما كان من المقرر أن تسدد الصومال حصتها خلال ثلاث سنوات من بدء تشغيل المشروع، بفائدة رمزية، مشيراً إلى أن الرئيس الصومالي طلب في قمة بغداد إعادة تأهيل المصفاة المتوقفة حاليًا عن العمل.