شهدت الساحة الاقتصادية العراقية -السنوات الماضية- نقاشاتٍ مُكثفة حول أهمية إنشاء صندوق سيادي يعهد إليه بتنمية موارد الدولة المالية واستثمارها على المدى الطويل، وتأتي هذه الخطوة في ظل مساعي الحكومة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للميزانية.
وفكرة إنشاء هذا الصندوق لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى تطلعات الحكومات السابقة، التي لم تتمكن من إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود، فقد طرحت حكومة مصطفى الكاظمي فكرة إنشاء صندوق سيادي، إلا أن المشروع لم ير النور، وظل مجرد حديث إعلامي، حسب تصريحات المسؤولين.
وأعلن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي يوم 31 أغسطس/آب 2021 البدء بمشروع “صندوق الأجيال” الذي سيحمي الشعب من الاعتماد الكامل على النفط.
وصندوق الثروة السيادية استثماري يدير فوائض الدولة المالية من خلال أصول خارج الحدود، لكنه لا يكون تابعا لوزارة المالية أو البنك المركزي، كما يختلف عن الاحتياطي الأجنبي النقدي.
خطط مدروسة
أكد عامر العضاض مستشار رئيس مجلس الوزراء أن تأسيس أي صندوق سيادي يتطلب تشريعاً برلمانياً من خلال قانون تعده الحكومة ويُعرض على مجلس النواب للتصويت عليه، مشيراً إلى أن ما طُرح عن الصندوق السيادي في الحكومة السابقة لم يتعدَ الحديث الإعلامي.
وفي 24 أغسطس/آب 2021، أكد الكاظمي أهمية وضع الأساس لإنشاء صندوق الأجيال الذي يهدف إلى تأمين مستقبل الأجيال القادمة، ويمكن أن تعتمده الحكومة ضمن سياسة الإصلاح الاقتصادي التي باشرت بها كسبيل للنهوض بالاقتصاد لخدمة حاضر البلد ومستقبله.
وقال العضاض، إن إنشاء الصندوق لا يقتصر على وجود سيولة نقدية، بل يحتاج إلى سياسة عامة ودراسة حالة، مضيفا أن هناك صناديق سيادية كثيرة أُسست كصندوق التنمية، لكن خلية إدارة الإصلاح تعمل على دراسات لتأسيس الصندوق، بينما الإدارات السابقة لم تُعد دراسة بل تحدثت عنه إعلامياً فقط، وحتى مجيء الحكومة الحالية لم توجد أي دراسة سابقة.
وأوضح أن الصناديق السيادية أنواع، منها صندوق الأجيال الذي يعتمد على استثمار عائدات النفط لمرحلة ما بعد انتهاء النفط، ومنها صندوق لاستثمار الزيادات من عائدات النفط لتغطية العجز فترة انخفاض الأسعار، إضافة إلى صناديق أخرى تعمل على الاستثمار داخل العراق كصناديق تنموية وصندوق التقاعد.
وأشار العضاض إلى أن هناك نظرية لربط هذه الصناديق بأن تكون متعددة الأنشطة، موضحا أن دمج الصناديق الموجودة أو تأسيس صندوق جديد يجب أن يُدرس وفق إستراتيجيات الاستثمار الخاصة بكل صندوق وتحديد أهدافه قبل التأسيس.
وأكد أن خلية إدارة الإصلاح تعمل على إعداد دراسة لإنشاء صندوق سيادي، وأن كل صندوق له قطاعات مختلفة، فصندوق تثبيت واردات النفط -كما يقول- يستثمر في قطاعات غير نفطية لضمان عدم تأثره بانخفاض أسعار النفط، وكذلك الصندوق التنموي يعمل على مشاريع تنموية داخل البلد، أما صندوق التقاعد فيعمل على استثمارات طويلة الأمد كالبنى التحتية.