تواصل السلطات الحكومية العراقية إجراءاتها في مواجهة ظاهرة المخدرات المتنامية بالبلاد، من خلال حملات أمنية ومداهمات أوكار عصابات وجماعات البيع والتهريب، وصولاً إلى فحص موظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية، ومن ضمنهم المعلمون في المدارس.
والأسبوع الماضي، باشرت وزارة التربية العراقية، بحملة لفحص المعلمين في مدارس العاصمة بغداد، بتطبيق التوجيهات الحكومية بإلزام الموظفين بإجراء فحص عدم تعاطي المخدرات. وسبّب هذا القرار، حالة من الجدل بين الأوساط التربوية، من جرّاء اعتبار القرار يحتوي على جانب من الإهانة لشريحة المعلمين والمدرسين، إلا أن أغلبية هذه الشريحة وجدت في القرار أهمية كبيرة لمنع تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات، ومساعدة المتعاطين أو المدمنين في الوصول إلى ردهات العلاج، حيث إن الأمر لا يرتبط بسلوك ونزاهة شريحة التربويين، بقدر تعلق الأمر بالتشجيع على الفحص والتوجه نحو المشافي.
وقررت وزارة التربية العراقية إلزام المعلمين والموظفين بإجراء الفحص الخاص بتعاطي المخدرات قبل المباشرة بالعمل، خاصة بعد صدور كتب رسمية من بعض مديريات وزارة التربية، تؤكد شمول جميع الموظفين والتربويين بهذا الإجراء، في حين أوضحت نقابة المعلمين أن الفحص يقتصر فقط على المعينين الجدد، مما سبّب حالة من التضارب والجدل داخل الأوساط التربوية.
وأظهرت خطابات رسمية صادرة عن بعض المديريات أن جميع المعلمين والموظفين، سواء المعينين الجدد أو العاملين سابقًا، مشمولون بالفحص الإلزامي لتعاطي المخدرات، مع تضمين تلك الكتب الرسمية أن تكلفة الفحص ستُقتطع من رواتبهم بمقدار 15 ألف دينار لكل فرد (10 دولارات أميركية). لكن وزارة التربية، نفت فرض أي استقطاعات مالية على المعلمين والموظفين مقابل الفحص.
في السياق، قال المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيّد، إن “فحص تعاطي المخدرات ليس من شأن وزارة التربية، بل هو قرار لجنة عليا، وإن إجراء لا يشمل موظفي وزارة التربية أو التربويين بل موظفي الدولة بكل اختصاصاتهم والوزارات التابعين لها”. موضحاً لـ”العربي الجديد”، أن “وزارة التربية نفذت التوجيهات التي صدرت عن اللجنة العليا الخاصة، وأن ملف المخدرات موضوع صحي وليس ضمن الملفات التربوية”.
والشهر الماضي، أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن نجاحها في علاج ما يقرب من ثلاثة آلاف مدمن، بعد اعتمادها برنامجاً علاجياً خاصاً بها، وهو أكبر معدل وصلته السلطات الصحية في العراق طيلة السنوات الماضية، ضمن الحملة الاستراتيجية لمكافحة المخدرات التي أطلقتها الحكومة.
وقال مدير قسم مراكز تأهيل المدمنين ومتعاطي المخدِّرات في وزارة الداخلية، العقيد رياض أحمد محمد، إن “عدد المصحّات القسريَّة لعلاج متعاطي ومدمني المخدِّرات التي تمَّ افتتاحها استناداً إلى الأمر الديواني لوزارته خلال عام 2023، الذي نصَّ على إنشاء مصحاتٍ قسريَّة لعلاج مدمني ومتعاطي المخدرات، بلغ 15 في بغداد والمحافظات، باستثناء نينوى التي ستُنشأ فيها واحدةٌ قريباً”.