في ظل التقديرات السياسية حول تلقي محور المقاومة بقيادة إيران ضربة موجعة إثر سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وقدرة تطورات الشرق الأوسط على إعادة صياغة نظام إقليمي ورسم موازين القوة، تأتي المواقف الإيرانية الرسمية مختلفة حيال تداعيات الوضع الجديد في سوريا.
ورغم أن قرار الحكومة الإيرانية الحالية كان مفاجئا في عدم التحرك العسكري لحماية حليفها قبيل مغادرته دمشق إلى روسيا، فإن المتابع للشأن الإيراني يجد في تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي أجوبة وافية للتساؤلات حول موقف طهران حيال الحكم الجديد بدمشق.
تصريحات المرشد
سبق أن حمّل المرشد الإيراني الأعلى مستشاره للشؤون السياسية علي لاريجاني رسالة خاصة إلى بشار الأسد قبيل الإطاحة به، وجه فيها أصابع الاتهام مباشرة إلى واشنطن وتل أبيب بالتخطيط لما حدث في سوريا، كما اتهم دولة جارة لسوريا لم يسمها بأنها لعبت دورا واضحا في إسقاط نظام المخلوع.
وفي تصريحه الأخير مطلع العام الجديد، اعتبر خامنئي أن سوريا تتعرض للاحتلال من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول إقليمية، وتوعد “الذين اعتدوا على سوريا” بأنهم “سيجبرون يوما ما على التراجع أمام قوة شبابها”، محذرا في الوقت نفسه دولا إقليمية –دون تسميتها- من “مصير مثل مصير سوريا”.
وإذ إن خامنئي لم يشر إلى دولة محددة لدى تحذيره بعض الأطراف الإقليمية من مصير مشابه لما حدث في سوريا، أثار خطابه الأخير تكهنات كثيرة في الأوساط الإعلامية داخل إيران وخارجها، لكن الأوساط السياسية في طهران تكاد تجمع على أن استخدام المرشد الأعلى صفة “المؤمن” لشباب تلك الدول يدل على مخاطبته بعض دول محور المقاومة دون غيرها.
يشير الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا إلى تفاقم الضغوط الغربية على السلطات العراقية من أجل “حل تنظيم الحشد الشعبي وتحييده عن محور المقاومة وجبهة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي”، موضحا أن كلام المرشد الإيراني “كان موجها للجارة الغربية”.
ويعتقد تقوي نيا أن سياق تصريحات خامنئي يستذكر أحداث 2014 وسيطرة “تنظيم الدولة الإسلامية” على مساحات شاسعة من العراق، قبل أن تتمكن قوات الحشد الشعبي من تحريرها، مؤكدا أن “المرشد الإيراني يجعل تلك الأحداث واقعا حيا أمام أعين القادة العراقيين، ويحذرهم من مغبّة إقصاء قوة الحشد الشعبي الوطنية”.
وتابع أنه عقب القبول بالهدنة في لبنان والإطاحة بنظام بشار الأسد “الذي كان يمثل همزة وصل في محور المقاومة الممتد من طهران فبغداد ثم دمشق وصولا إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، تشير بعض التقديرات إلى أن المحور الصهيوأميركي والدول الحليفة له يفكرون بتكرار السيناريو في العراق بعد نزع سلاح الحشد الشعبي، ذلك لأنهم يرون في قوته سدا منيعا أمام مخططاتهم”، على حد وصفه.