توصلت كل من بغداد وأربيل إلى اتفاق يقضي باستئناف عمليات تصدير النفط من حقول إقليم كردستان وذلك بعد توقف دام لأكثر من عامين، إثر خلافات مالية وقانونية، فيما أكد مختصون أن هذا التصدير سيقلل من عمليات تهريب النفط إضافة إلى زيادة الايرادات المالية إلى خزينة الدولة.
وقال بيان للوفد الحكومي المُفاوض عن حكومة إقليم كردستان، اليوم الأحد، إنه “بعد التواصل والتنسيق بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية لإقليم كردستان، تم الاتفاق والتأكيد لاستئناف تصدير نفط الإقليم وفق الكميات المتاحة”، مؤكداً “تشكيل فريق فني مشترك لمعاينة أنبوب التصدير (الأنبوب الخاص بالتصدير باتجاه ميناء جيهان التركي) وبيان جاهزيتهُ، وفي هذا الشأن نؤكد التزامنا تنفيذ أحكام قانون الموازنة العامة الاتحادية”.
من جانبها، أكدت وزارة النفط العراقية في بغداد، في بيان رسمي “استكمال إجراءات استئناف تصدير النفط المنتج في إقليم كردستان عبر ميناء جيهان وفقاً للآليات المرسومة في قانون الموازنة وتعديله وضمن سقف الإنتاج المُحدد للعراق في منظمة أوبك”. وشدد البيان على أنه “تطلب وزارة النفط من سلطات الإقليم تسليم الكميات المنتجة من الحقول العاملة إلى شركة تسويق النفط للمباشرة بالتصدير عبر الأنبوب العراقي التركي وميناء جيهان بموجب العقود الموقعة مع الشركات المرشحة”.
وأوقفت تركيا خط الأنابيب في مارس/ آذار 2023 بعد أن أمرت غرفةُ التجارة الدولية أنقرةَ بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد تعويضاً عن صادرات غير مصرح بها بين عامي 2014 و2018. وأفادت أربعة مصادر من الثمانية أن العراق تسرَّع في إعلان استئناف التصدير من دون تفاصيل حول كيفية معالجة الأمور الفنية العالقة، بينما قال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار الأربعاء الماضي، إن أنقرة لم تتلق بعد أي معلومات من بغداد بشأن استئناف الإمدادات.
من جهته، قال المختص في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، إن “إعادة تصدير نفط إقليم كردستان سيكون له نتائج إيجابية سياسية بحل الخلافات العالقة ما بين بغداد وأربيل، إضافة إلى فوائد مالية من خلال زيادة الإيرادات المالية النفطية لخزينة الدولة”.
وبيّن الكناني أن “إيقاف تصدير ما يقارب 400 ألف برميل يومياً، سبّب خسائر مالية كبيرة للعراق، وهي تقدير بما يقارب 60 مليون دولار يومياً وربما أكثر بحسب أسعار النفط، ولهذا إعادة تصدير هذا النفط ستُعالج جزءاً من الأزمة المالية وسد العجز في الموازنة العامة للسنوات المقبلة”.
وبعد جولات حوار عدة أجريت خلال الفترة الماضية، ما بين الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، اتفق الطرفان على أن يسلم الإقليم نفطه لشركة سومو العائدة إلى وزارة النفط الاتحادية في بغداد، مقابل ذلك رفع كلف إنتاج شركات النفط في الإقليم وتسليم الرواتب الشهرية لموظفي الإقليم.
وجاء هذا الاتفاق عبر تعديل على نص قانون الموازنة العامة للدولة العراقية، ليكون ملزم التنفيذ لكلا الطرفين، فقد صوت مجلس النواب العراقي على هذا التعديل منتصف الشهر الماضي، رغم وجود اعتراضات على التعديل من قبل نواب الوسط والجنوب، وبعض الأطراف السياسية الأخرى.
وبلغت حصة الإقليم في الموازنة المالية لسنوات 2023 و2024 و2025، التي صوت عليها البرلمان العراقي في يونيو/حزيران عام 2023، نحو 16.609 تريليون دينار (نحو 12.7 مليار دولار)، لكن خلافات عادت مجدداً بهذا الشأن. وتُعَدّ الملفات العالقة بين بغداد وأربيل إحدى أبرز المعضلات التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، أبرزها رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم، وغيرها.