#د_معتز_النجم
لطالما اعتُبرت تركيا من أهم القوى الإقليمية في الشرق الأوسط ، وظلت مكانتها مستقرة لعقود ، واتجهت علاقاتها مع دول المنطقة إلى التباعد بين الحين والآخر حتى دخلت تركيا حقبة تاريخية جديدة. جاءت نقطة التحول مع وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم عام 2002 ، فأعاد تحديد مكانه بشكل لا لبس فيه على الساحة الإقليمية والدولية ، واعتماد رؤية وطنية جديدة ، وتحويله إلى دولة مركزية بعمق استراتيجي جديد ، مكنه من ذلك. هيمنة إقليمية وصعود دولي واعادة النظر الى تركيا باعتبارها مؤثرة ، خاصة بعد أحداث الربيع العربي التي تزامنت مع تغيير في السياسة التركية تجاة عدة قضايا ولاسيما علاقتها مع اقليمها وتوجهاتها سواء تجاه احلامها الاوربية ام عمقها الاسلامي
وهذا لم يات من فراغ وانما جاء بسبب معضلة تاريخها الذي كان ولازال احدى ادوات التعبئه والادلجة الجماهيرية والسياسية اذا يعتمد صانع القرار السياسي على التاريخ في عدة قضايا ولاسيما عندما يريد أن يبرهن سياسه معينة او يمنح الشرعية في توجهه معين فكانت العقدة العثمانية التي صبغت السياسة التركية في ظل وجود اردوغان الذي حاول كثير في انسلاخ تركيا من علمانيتها عندما صبغ الصبغة الاسلامية في خطابته وتوجهاته في بعض القضايا الني ارتد ان يجمع همم جمهوره ومناصري حزب العداله والتنمية ولاسيما في علاقته مع الاخوان المسلمين وموقفه من اسرائيل.
اما معضلة الجغرافيه فكانت قيد امام اردوغان للدرجة الذي دفع بها البعض الى وصف سياسة اردوغان ومواقفه بالاردوغانية وكأن اختزلت تركيا في اردوغان وتوجهاته فكانت الجغرافية عقدة امامه في عدة قضايا ولاسيما البئية المحيطه في تركيا والازمات التي عصفت بالمنطقه والتي استفادت منها تركيا بشكل كبير وظفتها لخدمتها الخاصه في السر ولكنها تعلن انها تخدم الامه الاسلامية لذلك بدا اردوغان في سياسته يحول المخاطر الى فرص ولكن عندما اخفقت في العديد وتعاملت في حذر شديد بعد ان زاد الضغط على اردوغان وشعبيته في ظل تصاعد صوت المعارضة له ففي استعراض موجز يمكن القول ان تركيا
تعاملت مع الثورات العربية من خلال مداخل مختلفة نوعا ما، فقد تابعت تركيا بصورة حذرة ما حدث في تونس، وبدأ هذا الموقف أكثر وضوحا في مصر حين دعت النظام إلى الاستجابة لمطالب الشعب وإدخال إصلاحات، ثم طالبت النظام بالرحيل، في خطاب أردوغان أمام البرلمان التركي في بداية فبراير 2011. وإزاء التدخلات الخارجية في ليبيا، عارضت تركيا فرض العقوبات وخطط التدخل العسكري بقيادة فرنسا ثم الناتو، أما الموقف التركي في حالة البحرين فكان أكثر حذرا واكتفت تركيا بدعوة الأطراف كافة الى ضبط النفس والدعوة للإصلاح بشكل عام دون انتقاد مباشر للنظام البحريني، ومطالبة المحتجين بالاستجابة لمبادرات الإصلاح في الآن ذاته، مع التحذير من مخاطر الانقسام السني – الشيعي في المنطقة، أما في الحالة اليمنية فقد تجنبت تركيا التدخل المباشر، واكتفت بالمناشدة لتحسين مستقبل اليمن من خلال التحول الديمقراطي، وفيما يتعلق بالأوضاع في سوريا فقد تبنت تركيا مدخلا مزدوجا في التعامل مع الأحداث على الأرض السورية يجمع بين حماية النظام الصديق لتركيا ودعمه من جهة، والتعاطف مع الثوار والتأييد الضمني لهم ولمطالبهم من جهة اخرى وفي العراق بدأت تركيا تتدخل مستغله بذلك حالة الوهن في بغداد ،هذا مايمكن اعتباره جزء من الارباك الذي عاشته السياسة التركية في بعدها الاقليمي.
اما اليوم فالعالم مترقب الانتخابات التركية والخوف من المجهول والانزلاق نحو الهاوية وهذا بسبب الانقسام في الداخل التركي بيت معارض لسياسيات اردوغان وبين مؤيد لما قدمة الاخير في الفترات السابقة ومايزيد من خطورة الموقف هو تجمع المعارضه ضد حزب العدالة والتنمية الذي بدأ يواجه ستة احزاب معارضة وهي اول سابقة في تاريخ تركيا الحديث والمعاصر من اقصاء اردوغان عن سدة الحكم. هذا مابدد نظرية الانزلاق نحول الهاوية
اذن نتائج الانتخابات الرئاسية التركية ستكون نقطة تحول تساير التحولات الكبرى في العالم التي تحيط بها ، ف من الشمال الأزمة الأوكرانية و العملية العسكرية الروسية الخاصة ل حماية إقليم دونباس و تأثيراتها على الإتحاد الأوروبي غرب تركيا ، ناهيك عن نمو الشرق إقتصادياً وصعود النجم الصيني سياسياً، إضافة إلى كل ذلك عودة التموضع السوري إلى محيطه العربي و الإقليمي و الدولي و ما تشكله من دور فاعل و مؤثر في الداخل التركي و عليه : ف إن نتائج الانتخابات الرئاسية ستحسم وجه المنطقة وفق ترتیبات تناسب النظام العالمي الجديد