بعد اجتماع استغرق ساعات عدة، أُعلن في العاصمة العراقية بغداد، الثلاثاء الماضي، عن تشكيل ائتلاف القيادة السنية الموحدة الذي يضم عدداً من أبرز القوى العربية السنية في البلاد، وهو أول تشكيل يلفت الانتباه إلى اسمه، والأهداف التي أفصح عنها، والقيادات التي انضوت تحته.
“ائتلاف القيادة السنية الموحدة”، هو أول تسمية صريحة للقوى العربية السنية تحمل عبارة “السنية”، حيث دأبت القوى العربية الشيعية والكردية على التسميات المكوناتية داخل العملية السياسية بشكل صريح، في وقت واصلت فيه قوى العرب السنية اختيار الأسماء المتعلقة بالبعد الوطني والقومي أو المناطقي، مثل التوافق، والعراقية، والعزم، ونينوى، وعراقيون، والجماهير، والقيادة، وغيرها.
ويضم الائتلاف الجديد كلاً من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري، ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي، ومن المتوقع أن تنضم للتحالف قوى وشخصيات أخرى، بحسب ما تسرب من آخر اجتماع للائتلاف عُقد أمس الأول السبت في بغداد.
وبدا لافتاً غياب حزب تقدم، بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، الذي أقيل في نهاية عام 2023 بقرار قضائي بتهمة التزوير، حيث يقترب بتوجهاته الجديدة من قوى سياسية وفصائلية مدعومة من طهران.
وجاء في بيان الإعلان الرسمي عن ائتلاف القيادة السنية الموحدة أنه يأخذ على عاتقه “المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد”، بينما أشار بيان آخر له، السبت، إلى جملة من الملفات، أبرزها تنفيذ “ورقة الاتفاق السياسي، والتي نصت على حقوق المدن والمحافظات المحررة، لا سيما المتعلقة بتشريع قانون العفو العام، وعودة النازحين إلى مدنهم، وإنهاء ملف المساءلة والعدالة، وتحقيق مبدأ التوازن في مؤسسات الدولة”.
وأشار الحاضرون، بحسب البيان، إلى “وحدة العراق وشعبه، وتماسك جبهته الداخلية، وتمتين أواصره المجتمعية بوجه التحديات كافة، متفقين على عقد اجتماعات تشاورية دورية، والحوار مع الشركاء من الكتل السياسية الأخرى، لبحث مستقبل البلاد وآفاق المرحلة المقبلة”.
ويقول القيادي في تحالف العزم عزام الحمداني، إن “ائتلاف القيادة السنية الموحدة ليس تحالفاً انتخابياً، كما أنه ليس موجهاً ضد أي جهة أو شخص إطلاقاً، كما يتصور البعض ذلك، بل هذا الائتلاف جاء من أجل تنسيق المواقف ما بين القوى السياسية السنية وقياداتها بشأن المواقف السياسية والأمنية على المستوى الداخلي وحتى الإقليمي، فهناك ضرورة وطنية لتوحيد صفوف البيت السياسي السني”، وفقاً لقوله.
ويضيف الحمداني أن “ائتلاف القيادة السنية الموحدة سيعمل على دعم تنفيذ مطالب المكون السني المتضمنة ضمن ورقة الاتفاق السياسي، خاصة بقضية إعادة النازحين، وإنهاء السيطرة المسلحة على عدد من المناطق، وكذلك إنهاء ملف المساءلة والعدالة، وتشريع القوانين التي تخدم أبناء المكون، وعلى رأسها قانون العفو العام، فهذا الائتلاف سيعمل عبر تنسيق نوابه بالضغط من أجل ذلك خلال الأيام المقبلة”.
ويلفت إلى أن “الائتلاف بات حالياً هو الذي يمتلك الأغلبية السياسية للقوى السنية، وخلال الأيام المقبلة ستنضم إلينا قوى وشخصيات جديدة من المكون السني، فهناك سعي حقيقي لتوحيد البيت السياسي السني، ومن المؤكد أن هذا الأمر سيكون لصالح تنفيذ مطالب أبناء المكون، كما سيساهم بدعم الاستقرار السياسي والحكومي في العراق، فنحن داعمون للحكومة وكل توجهاتها لتعزيز دور الدولة بمختلف المجالات”.
من جهته، يلفت الباحث في الشأن السياسي العراقي صلاح الكبيسي، إلى أن “الإعلان عن الائتلاف جاء في وقت يمرّ فيه العراق وعموم المنطقة بتطورات وتغيرات تتطلب وجود تنسيق سياسي داخلي، ونبذ أي خلافات، فالوضع لا يتحمل خلافات، وهذا الائتلاف يسعى القائمون عليه لأن يكون جامعاً لكل القوى السياسية السنية”.
وحول سبب الدخول في خانة التسميات الطائفية التي كانت ترفضها القوى السنية في العراق، يقول الكبيسي: “هذا أمر واقعي، فالعملية السياسية في العراق قائمة على هذا الأساس، وفي ظل وجود ائتلافات من قبل المكونات الأخرى كـ(الإطار الشيعي) و(التحالف الكردستاني)، نرى أنه قد يكون أمراً إيجابياً للتنسيق بين مختلف هذه القوى، وهو يعطي قوة في أي حوارات، ويدفع نحو تنفيذ المطالب المشروعة، فأي انقسام يضعف الموقف ويضيع المطالبات والحقوق التي يطالب بها أي من المكونات العراقية”، وفقاً لقوله.
ولم يستبعد أن يكون الائتلاف في المستقبل “مشروعاً انتخابياً جامعاً لكل القوى السياسية السنية، من أجل عدم تشتت الأصوات، خاصة ببعض المناطق المختلفة التي فقد أبناء المكون السني عدداً من مقاعدها بسبب تشتت الأصوات خلال الانتخابات السابقة، سواء المحلية أو البرلمانية”.