تتجدد أزمة مرتبات موظفي إقليم كوردستان مع كل دورة مالية، لتأخذ في عام 2025 جانباً أكثر تعقيداً، خصوصاً بعد قرار وزارة المالية الاتحادية إيقاف تحويل المخصصات الشهرية، ما أدى إلى تصاعد التوتر بين بغداد وأربيل، ودفع الأزمة نحو مستويات غير مسبوقة من التصعيد السياسي.
تعود جذور الأزمة إلى الخلاف المزمن حول آلية توزيع الثروات والتزامات الطرفين، إذ تتمسك الحكومة الاتحادية في بغداد، بموقفها الذي يربط تحويل الأموال إلى الإقليم بتسليم كامل إيرادات النفط من حقول الإقليم، فضلاً عن الجباية، والجمارك، والضرائب المحلية، باعتبارها من موارد الدولة السيادية التي يجب أن تدخل ضمن حسابات وزارة المالية.
وبموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات 2023–2025، خُصص لإقليم كردستان نسبة 12.67% من إجمالي الإنفاق العام، مقابل التزامه بتسليم 400 ألف برميل نفط يومياً إلى شركة التسويق الوطنية “سومو” فضلاً عن تحويل الإيرادات غير النفطية، والتي تشمل الضرائب والجباية والرسوم الجمركية المحلية.
وفي السياق، أكد الباحث السياسي، محمد زنكنة، أن المفاوضات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان ما تزال تراوح مكانها، مشيراً إلى أن “المحاولات المتكررة لحل الخلافات غالباً ما تبقى حبراً على ورق من دون أي تطبيق فعلي.
وأوضح زنكنة، فی تصریح تابعته مؤسسة رؤى أن مطالبات بغداد غير واضحة، والتعامل مع الإقليم يتم بعقلية مركزية مفرطة، وكأن الحكومة الاتحادية تتعامل مع محافظة وليست مع كيان دستوري منظم وفقاً لما نص عليه الدستور العراقي من الحقوق والصلاحيات المشتركة والخاصة، سواء للثروات النفطية أو للحكم المحلي.
وفي تطور سياسي يعكس خطورة الأزمة، قال زنكنة إن استمرار الأزمة قد يدفع القوى الكردية إلى مراجعة جذرية لموقعها في الدولة، وصولًا إلى تلويح القيادة الكردية بخيار الانسحاب من العملية السياسية وتفعيل ملف الاستفتاء.
وأكد، أن كل المحاولات لاحتواء الأزمة باءت بالفشل، في ظل تجاهل متعمد للاتفاقيات، واستمرار سياسة التجويع الممنهجة ضد شعب كردستان، وآن الأوان لإعادة النظر في المشاركة ضمن مفاصل الدولة والعمل بجدية على طرق باب المجتمع الدولي لحل الأزمة.