أعلنت وزارة الداخلية العراقية استحداث مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية المتخصصة في متابعة الجرائم المرتكبة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وقد أتى هذا الإجراء بعد نقاشات، وكذلك مطالبات للحدّ من الابتزاز الالكتروني واختراق الصفحات، بالإضافة إلى نشر خطاب الكراهية؛ الداعي إلى التطرّف أو القتل وغير ذلك. وأفاد ضابطان من وزارة الداخلية “العربي الجديد” بأنّ “قرار استحداث المديرية جاء بناءً على الحاجة الفعلية إليها، من أجل مواجهة الجرائم التي تحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ورصدها وتقديم التوصيات بشأنها إلى القضاء العراقي، لاتخاذ الإجراءات القانونية”.
وأضاف أحد الضابطين، مفضّلاً عدم الكشف عن هويته، أنّ مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية لا تشبه في عملها منصّة “بلّغ” التي تستهدف المحتوى الهابط، مشيراً إلى أنّ “المحتوى الهابط ليس جريمة. وفي هذه المديرية نتناول الجرائم الفعلية التي تستهدف الأفراد والمجتمع والمؤسسات”. وأوضح الضابط أنّ “الجرائم المقصودة مكافحتها هي ابتزاز الشابات والشبّان الذي يقعون عرضة لعلاقات تنطوي على حيل في سبيل الحصول على الأموال، بالإضافة إلى ابتزاز أشخاص يعملون في الشأن العام، مثل الوسط الفني والصحافة والسياسة وغير ذلك”. وتابع الضابط نفسه أنّ “الابتزاز واختراق الصفحات من أولويات عملنا، إلى جانب رصد الخطاب الإقصائي والإرهاب والدعوات إلى التطرّف”.
وسبق لوزارة الداخلية العراقية أن حذّرت من تصاعد حجم الجرائم الإلكترونية في البلاد، وطالبت بتشريع خاص يحكم هذه الانتهاكات. وقد شدّدت الوزارة في أكثر من مناسبة على أنّها “تعمل بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى لتشريع قانون جديد من أجل معاقبة منتهكي الخصوصية ومرتكبي الجرائم الإلكترونية”، بحسب ما أشار الضابط نفسه. وأكمل أنّ وزارته “تتعامل في الوقت الراهن مع مرتكبي الجرائم الإلكترونية وفقاً لقانون العقوبات، إلا أنّ ثمّة حيثيات وجزئيات لم تراعِ التقدّم العلمي الهائل والمتواصل في مجال الاتصالات، الأمر الذي يتوجّب تحديد عقوبة رادعة لمرتكبي هذه الجرائم”.
يُذكر أنّ قانون جرائم المعلوماتية المثير للجدال موجود في البرلمان العراقي منذ عام 2018، وقد قوبل برفض واعتراضات كبيرة من قبل الناشطين المدنيين والمدوّنين في البلاد، بسبب احتوائه على فقرات وبنود عُدّت أنّها “قابلة للتأويل وتحدّ من حرية التعبير”، وطالبوا بتعديلها. ويتضمّن القانون أكثر من 20 مادة أُدرجت تحتها فقرات عدّة، نصّت كلّها على عقوبات متفاوتة تصل إلى حدّ الحبس لمدّة ثلاثين عاماً، وغرامات مالية تصل إلى 100 مليون دينار عراقي (نحو 76.3 ألف دولار أميركي)، وقد ركّزت تلك الفقرات على المعلومات الإلكترونية وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة.
وعلى نحو متصاعد، تسجّل السلطات العراقية ارتفاعاً في أعداد ضحايا الابتزاز الإلكتروني واختراق الصفحات ونشر محتويات خاصة بالنساء والفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحديداً تطبيق تليغرام. وقد كشفت وزارة الداخلية العراقية، قبل أشهر، عن إحباط 43 حالة ابتزاز في أسبوع واحد، في مؤشّر إلى خطورة مثل هذه الجرائم وأرقامها المرتفعة. ويُعَدّ جهاز الأمن الوطني في العراق أحد أهمّ الأجهزة التي تعمل على متابعة الجرائم الإلكترونية وينفّذ حملات واسعة للإطاحة بالمبتزّين، في حين أنّ جهاز الاستخبارات الوطني العراقي يعمل على تحديد مصادر الترويج للأفكار المنحرفة والمتطرّفة والإرهابية، وهو على تنسيق مسبق مع كلّ الأجهزة الأمنية العراقية والقضاء العراقي.